سقوط كل التجارب ألأمركية

سقوط كل التجارب ألأمركية .
وفشل مخطط العدوان على الشعب العربي السوري ؟؟

من مصر، يبدأ المشوار إلى فلسطين وفيها ينتهي، لذلك، لا مناص من وضعها في أعلى درجات السلم النضالي، في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة الأميركية وعملاؤها من الحكام والمنظمات العربية، إلى طمس دورها وإخراجها من قضية الصراع العربي ـ «الإسرائيلي»، المتحرّك الدائم على جبهة المقاومة الصامدة، انطلاقاً من سورية. إنّ التلهّي بالقشور هو الطامة الكبرى، في حين أنّ الغزو الخارجيّ هو علّة العلل، والغزو الغربي الذي حلّ بمصر وتونس وليبيا، الذي بات مكشوفاَ بتسمياته المختلفة، التي لم تكن سوى طروحات استعمارية جديدة وفقاقيع في الهواء مبطنة بشعارات لم تعد مضامينها وأشكال تطبيقاتها اللوجستية تنطلي على الشعوب العربية، بدليل ما يحدث اليوم من ثورة حقيقية في مصر وتونس ضد مشاريع «الإخوان المسلمين»، الذين أتوا إلى السلطة تحت راية أميركية الصنع، لا تحتمل الحرية ولا الديمقراطية ولا سيادة الشعوب على أوطانها. ما يحدث حالياً في مصر من جرّاء أزمة الاستفتاء على الدستور الجديد، هو أول الغيث في استعادة الشعب المصري «ثورة 25 يناير» الحقيقية، لأنّ الشعب المصري الواعي قضاياه، والمتخوف من انحراف انتفاضته الأولى على الفساد والتسلّط والقهر والظلم، وتهميش قضاياه المحقّة، خصوصاً في العيش الكريم، الذي قضى على مقوّماته الإنسانية تمادي الفساد والإفساد في مصر، من جرّاء ديكتاتورية متسلّطة من قبل الحاكم حسني مبارك وأعوانه والمقرّبين منه، والأهم، سلخ مصر عن قضاياها القومية بالتطبيع مع «إسرائيل» عبر معاهدة تذلّ كرامة المصريين، لا يمكن أن يصمت بعد الآن في ظل الهيمنة الأميركية المغلفة بحكم «الإخوان المسلمين»، التي خُطط لها من أجل العودة بمصر إلى عصور الجاهلية الأولى، إذ أن المطلوب الإخلال بالوضع الداخلي لمصر، من أجل التعمية على القضية الأساس التي هي الصراع مع العدو الصهيوني.
سمعنا الرئيس المصري محمد مرسي يخاطب الثائرين المصريين المتجمعين في ميدان التحرير وأمام قصر الاتحادية، بالقول: «المصلحة العامة لا يحققها العنف، ولا تعبّر عنها التجمعات الغاضبة، إنما الحكمة والسكينة هما اللتان تمنحان الفرصة لاتخاذ القرار الصائب الذي تخضع فيه الأقلية لقرار الأكثرية»، متجاهلاً ما فعله بلطجية الإخوان أمام قصر الاتحادية بهجومهم الشرس والعنيف على المتظاهرين، الذي أدّى إلى مجزرة «الجمل الجديدة»، وتجاهل أيضاً، أنّ التعبير السلمي للمصريين برفض القرارات الهمايونية التي منحها الرئيس لنفسه، وكأنه الحاكم الفرد، بل ظل الله على الأرض كما في القرون الوسطى، إذ أن ما يجري حالياً من ردّة فعل المصريين، هو الدافع الأساس لرفض الشعارات الأميركية المزيفة، التي قام عليها ربيع أميركا العربي المغلف بطروحات الحرية والديمقراطية المزيفة.
فأيّ ديمقراطية يمارسها اليوم الرئيس المصري محمد مرسي في مصر؟ هل بخسارة الشعب المصري حريته الحقيقية والأساسية في التعبير الحرّ عن مطالبه المحقّة في تكريس العدالة والديمقراطية؟
إنّ التحوّلات السياسية عبر العصور تكون عادة لصالح الشعوب، لا لمصلحة الحكام، والتاريخ يشهد على حروب المئتين التي شهدتها أوروبا بين الحكام ورجال الدين «الإكليروس»، التي انتهت إلى ما نشهده اليوم من حالة احترام الشعب وحقوقه في معظم الدول الأوروبية، لكن ما يؤسف له، أنّ بلادنا ما زالت بعيدة جدّاً عن مسار التحوّلات السياسية والمصيرية الحقيقية الآمنة، التي تضعها على سكة المسارات الصحيحة، والسبب يعود إلى ما نشهده من التحاق غير معلن، من قبل الحكام والساسة العرب، بركب السياسة الأميركية والغربية، الداعمة بشكل مطلق، لوجود «إسرائيل» في قلب المنطقة العربية.
إنّ متابع المشهد المصري والتونسي والليبي واليمني والبحريني والأردني، وما يجري في معظم الدول العربية من انتهاكات للحرية المطلوبة والديمقراطية، يعرف أنّ المطلوب شعار واحد: هلاك هذه البلاد من محيطها إلى الخليج، والعمل على وضعها تحت السيطرة، ومن ثم الاستيلاء على مصادر الطاقة، إضافة إلى تدجين قدراتها الشبابية وكفاءاتها من أجل العمل لصالح هذا الطاغوت الكبير المستكبر المسيطر على العالم برمّته، الذي يمتلك بأدراجه كلّ الأوراق التي تنزع الحجب، وتدمّر المواقع، وتبلي الحكام المصطنعين بالشرّ المستطير.
فالحقيقة اليوم هي الضحية الأولى في مصر كما في سورية، هكذا أثبتت الأحداث المستجدة في مصر، وممّا يبدو من تصريح الرئيس الأميركي أوباما بعد اتصاله بمرسي وتشديده على لملمة الوضع وضبط الأمور، ما يخفي معالم السخرية والاستهزاء بمن كانوا يعتبرونه السند الجديد لاستمرار سياستهم الهمايونية على الساحة المصرية والعربية، مغالطين قدراتهم العقلية واللوجستية السياسية، المتفاجئة ربما، بتحركات الشارع المصري وصمود سورية، والاضطراب المستمر في البحرين والتحركات الجديدة في تونس.. وهلمّ ما جرى.
الإدارة الأميركية ما زالت تمارس سياسة فرّق تسد عبر إعلام مفبرك، وأخبار ملوّثة ومشوّهة، وتدخّلات سافرة أصبحت من الماضي. فعملية البث الإعلامي المفتوح والمفبرك بدأت صوره الحقيقية بالظهور، وتشهد عليه حوادث مصر وصمود سورية، لأنّ الوضع الراهن في كلا البلدي، بدأ يعمل ضدهم وينذر بالخطر، خصوصاً أن الفضائيات العالمية والعربية تتنافس في إظهار ما يجري على الأرض السورية والمصرية من وقائع مخالفة تماماً لما يتم توجيهه عبر الفضائيات المدجنة من قبل الراعي الأميركي، أضف إليها وسائل الاتصالات التكنولوجية الأخرى التي قرّبت المسافات، وعمليات التواصل بين الشعوب، لهذا، فإنّ ما تهدّد به الولايات المتحدة الأميركية سورية من مقولة السلاح الكيميائي، كما فعلت مع العراق في قضية أسلحة الدمار الشامل التي كشفت أسرار فبركتها لاحقاً، خصوصاً من قبل وزير الخارجية الأميركي الأسبق «كولن باول» بعد خروجه من موقعه الرسمي، يستعيدونه اليوم، في حربهم المعلنة ضدّ سورية، خصوصاً بعد فشل عصاباتهم في السيطرة على حلب ودمشق، كما هو مخطّطهم اللوجسيتي الأخير. إنّ ما يجري من تخبط أميركي في منطقة الشرق الأوسط،، خصوصاً بعد صمود سورية ويقظة مصر وبروز روسيا «بوتين» كلاعب أساس في حلّ الأزمة السورية، وبعد نهوض التنّين الصيني من غفوته، وبعد تنامي القوة الإيرانية ودخولها ساحة الكبار كلاعب أساس، وبعد انحسار الدور التركي وأردوغانه عن أحلام اليقظة، إضافة إلى انتصار المقاومة في لبنان وغزّة على العدو الصهيوني، يسقط كلّ التجارب الأميركية العاملة على تأجيج الصراع الدموي في المنطقة العربية، والتائقة إلى الأحادية الكونية عبر العالم.

\\ ابوفاتح \\