سوريا أولاً ؟؟؟؟؟؟

سوريا أولاً ؟؟؟؟؟

الخميس، 29 تشرين الثاني، 2012

أوقات الشام
ييصرُّ الحكام العرب على تقديم اتفاق وقف إطلاق النار، الذي وقّعوه باسم الفلسطينيين، مع المستعمرين الإسرائيليين، على انه واحدة من مفاخرهم.يحاولون ايهام الناس بأنهم وجدوا أخيرا السبيل إلى وضع حد لحالة الحصار المفروضة على الفلسطينيين في قطاع غزة. فيما الحقيقة هي في إحلال ذهنية التعاون والتكامل مكان المقاومة وكفاح الإستعمار. وكأن القضية الفلسطينيية ناتجة من سوء تفاهم، ورفض للإنضمام أو رفض للإحتكام إلى قوانين السلطة المعولمة التي تتزعمها الولايات المتحدة الأميركية. وليس من تعارض وتناقض بين مشروع تحرر وطني عربي من جهة وآخر استعماري استيطاني غربي تشرف على تنفيذه الصهيونية من جهة ثانية. ينبني عليه أن عنوان المرحلة العربية في الراهن هو سوريا، أو الإستيلاء على سوريا، أو إلغاء الدور السوري. تحت شعارات براقة وجوفاء. وتحت غطاء مجالس وائتلافات، تـُولـّد من سوريين في الخارج تدرّبوا على أعمال التخريب والفوضى في مؤسسات المخابرات الغربية لا تكتب لها الحياة في كل مرة، الاّ أشهرا قليلة.
لا جدال في ان الأزمة في سوريا تراوح مكانها، وأن دوامة العنف مستمرة، وشاملة ودموية ومدمرة في آن. ولا يبدو أن ائتلاف «المعارضة والثورة» الجديد، القطري المولد، بدّل شيئا في المعادلات على الأرض. «كل يغني على ليلاه». «التنسيقيات» مستقلة في عملها. والمعارضون «الوطنيون»، يعترضون على التدخل والوصاية من قبل قوى خارجية، وينشطون في الوقت نفسه، بالتلازم مع تدخل هذه القوى الخارجية، ضد نظام الحكم. والمشكلة في الذهنية القبلية التي لا تسوغ تأجيل الإنتقام والثأر من الخصوم الداخليين، من أجل دفع الخطر الخارجي، بل لا ترى حرجا بأن تستقوي أو تستدعي قوى خارجية لمساعدتها على «سحق واجتثات» القبيلة الأخرى أو الفخذ الآخر. المعارضات في سورية وخارجها، ومثقفو «الديموقراطية وأكباش شبة جزيرة النفط «، يعرفون أن الأعمال العسكرية ضد الدولة والجيش العربي السوري، تقوم بالجزء الأساسي منها، جماعات من المقاتلين الأجانب، تحت اسماء كمثل
« جماعة النصرة ». من المرجح أنها تتحرك تحت قيادة خبراء وقوات خاصة، أوروبية وأميركية. . تقول وسائل الإعلام أنها أقامت قواعد لها في تركيا والأردن ولبنان. ليس مستبعدا أن تكون هذه القوات ، او عناصر منها، تسللوا إلى داخل الأراضي السورية. ومهما يكن، فان المنطق يبرر الإعتقاد بان الوكالات الأمنية الخاصة، التي تشاكل تلك التي كانت تساند القوات الأميركية في العراق، استقدمت
في أغلب الظن إلى سوريا أيضا. لا بد في اطار هذه المداورة للمسألة السورية ، من الإشارة إلى تماسك الجيش العربي السوري والقيام بواجبه في الدفاع عن سورية ضد المخربين الذين تغلغلوا في المدن ، واحتلوا مساكن الناس وراحوا يقاتلون من نوافذها ومن على اسطحها. يدلل دور هذا الجيش، على مدى السنتين الأخيرتين، كذب الدعاية التي تسم الدولة وجندها، بالطائفية والمذهبية، وتصور أكباش قطر وسلاطين العثمانيين الجدد وعنصريي الغرب والأخوان المسلمين وعصابات القاعدة، ليس كذئاب ولكن كحداثيين وتنويريين وديموقراطيين يكافحون الطغيان بصدورهم العارية. من البديهي أن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، اتخذت قرارا باسقاط الدولة السورية. لا شك في أنها نشطت في السنوات الأخيرة، وتحديدا منذ أن احتلت العراق وزعزعت ركائز الدولة فيه، من أجل توفير الظروف الملائمة لتحقيق القرار المذكور. ولكن رغم السبل التي اتبعتها والوسائل التي استخدمتها، لا تزال الدولة السورية قائمة، ولا يزال الجيش العربي يتصدى للعدوان. آخر ما استحدثته لبلوغ هدفها المنشود، هو ائتلاف المعارضة والثورة، تمهيدا لتشكيل «حكومة في المنفى»، بالإضافة إلى التهويل بان هجوماً عسكرياً، غربياً، بات وشيكاً. التحضير له جار على قدم وساق. يشهد على ذلك، نصب صواريخ باتريوت في تركيا، ظهور قوات تشيكية في الأردن، انحسار الوضع في شمال لبنان عن نفوذ كبير للجماعات المسلحة التي يقاتل عناصرها ضد الدولة في سورية، فضلا عن قعقعة السلاح في الأوساط اللبنانية ذات التاريخ المعروف في معاونة المستعمرين عامة والإسرائيليين على وجه الخصوص ؟ هل أن الدولة السورية ، وأجهزتها الأمنية ، والسوريين ، أرهقتهم الجرائم الشنيعة على أيدي الجماعات المسلحة التي جاءت إلى بلادهم بأعداد كبيرة وبأسلحة متطورة، وبخطط خبيثة، بحيث أن التهويل صار في ظن البعض، كافيا لكي يتهاوى بنيانهم وكينونتهم الوطنية ؟ أم أن ذلك يمهد فعلا «لعملية عسكرية برية وجوية» يضاعف من حظوظ نجاجها ؟ ولكن أليس من المحتمل ان تأتي الرياح بما لا تشتهي سفن المستعمرين، ونواطيرهم وكلاب حراستهم ؟ هل يكفي اعتراف سلطة الإشتركيين في فرنسا، وأكباش شبه جزيرة النفط بإئتلاف «المعارضة والثورة» ممثلا وحيدا للسوريين، حتى يـُلبس هذا الأخير لباس الشرعية ؟ لماذا لم تعترف الإدارة الأميركية به حتى الآن. رغم انها كانت القابلة التي اشرفت على ولادته في قطر، عاصمة أكباش العرب، من رحم « معارضة » كثر بعولها ؟..
من نافلة القول أن القضية السورية صارت موضوع تجاذب في كواليس السياسة الدولية، بين روسيا ومن تمثلهم من جهة والولايات المتحدة الأميركية وحلفائها والتابعين لها من جهة ثانية وأن كل فريق يحاول ترجيح ميزان القوى لمصلحته من أجل فرض تنازلات على الفريق المقابل. لا مفر في هذا البحث من التوقف أمام الموقف الإيراني. إذ لا يـُعقل أن يتخلى الإيرانيون، بهذه البساطة عن الحليف السوري، في المواجهة بينهم وبين الغرب واسرائيل. فإذا كانت حركة حماس، على لسان السيد موسى أبو مرزوق، تعتبر نفسها غير معنية بالحرب المحتملة بين ايران واسرائيل، فهذا لا ينطبق بالقطع الا على هذه الحركة كونها جزءا من تيار الإخوان المسلمين الذي صار واضحا ارتباطه بحلف مع المستعمرين، ولا ينطبق على الفلسطينيين والسوريين ولا على الإيرانيين. هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى فإن كفاح الإسرائيليين يحتم أيضا على المقاومة في لبنان أن تدافع بكل ما تملك من قوة عن سوريا. ومن الطبيعي أخيرا، في أجواء هذه المعامع أن يشعر الأكراد بخطر تمدد النفوذ التركي إلى مناطقهم في سوريا. . خلاصة القول أن ما يجري في سوريا هو في جوهره عملية تخريب اجرامية، غايتها اقتسام إرث الرجل العربي المريض ! ولكن من المحتمل جدا أن تفشل

\\ ابوفاتح \\