لم يتعرض نجم كروي في تاريخ اللعبة - بمكانته و بحسب ظني - ما تعرض له المعجزة ليونيل ميسي قبل و أثناء منافسات كأس كوبا أمريكا في نسختها الثالثة و الأربعين على خلفية المستوى المتراجع على مستوى العناصر و المجموعة للتانغو , لكن هذا الضغط و التعريض بالنقد القاسي و المبالغ فيه من أقلام و جماهير و محللين عبر كافة وسائل الإعلام العصرية و من خلال عشرات اللغات الكونية , و المحور الأساس في كل هذه الأطروحات و الآراء تتمحور حول المعجزة الكروية ليو ميسي من خلال مقارنته بين حالتين : حالة برشلونة و حالة المنتخب الأرجنتيني , وهما بنظر الموضوعيين و المدركين لحقيقة الأمرين أنهما لا يتسقان لا في المنهج ولا في الظروف المحيطة باللاعب هنا أو هناك ..!
و أقول بأن هذا الهجوم المغرض و البعيد عن معايير النقد و التحليل المنهجي السليم من هؤلاء إن دل على شئ فإنما يدل على المكانة الرفيعة التي بات المعجزة ميسي يتمتع بها و يحصل عليها من أنصاره الكثر , و من الثلة القليلة من غير مريديه من حيث يدرون ولا يدرون, و إلا لو كان غير ذلك لما قرأنا و سمعنا و شاهدنا هذه الحملة المركزة و التي تصطاد حتى التمريرة الخاطئة أو التسديدة غير المركزة التي تخرج من القدم السحرية لميسي , و تعاملوا في هذا الأمر كما يفعلون مع بقية لاعبي و نجوم الكرة في بقية أندية و منتخبات العالم التي تعد بالملايين , لكنه ميسي ملئ السمع و البصر منذ العام 2007 م و سيستمر بإذن الله تعالى إلى موعد إعتزاله تقريبا عام 2020 م كما ذكر ذات مرة في إحدى مزحاته الكثيرة.
بالتأكيد أن هذا الهجوم ليس بنقد و لا تحليل هادف أو موضوعي. فأين هؤلاء من حقيقة تاريخية غائبة كل البعد عن جميعهم حينما يجهلون أن ثلاثة أساطير كروية لاتينية تتقدم على الدوام بقائمة النخبة الكروية على مر التاريخ , و أعني بهم البرازيلي الملك بيليه, و الأرجنتينيان : الأسطورة الخالدة دييجو آرماندو مارادونا , و الأسطورة ألفريدو دي ستيفانو . هذه الأساطير لعبت ببطولة كوبا أمريكا في سنوات مختلفة, كان الأسبق إلى ذلك دي ستيفانو بمشاركته في نسخة عام 1947 م , لكن المحصلة لجميع أساطير القارة اللاتينية ( لا شئ ) إذ لم يتمكن أحدهم من تحقيق كأس كوبا أمريكا لبلاده , في الوقت الذي ساهموا فيه بتحقيق كأس العالم عدا دي ستيقانو طبعا الذي انتقل إلى إسبانيا جاعلا ريال مدريد كل همه و اهتمامه حتى أصبح أسطورة الريال الخالدة بمساهمته في خماسية أندية أبطال أوروبا .
نأتي بداية على الأسطورة المدهشة دييجو مارادونا الذي شارك ثلاث مرات في بطولة كوبا أمريكا أعوام : 1979 , 1987 , 1989 ... لكنه على ما يتمتع به من إمكانات و مهارات فريدة لم يسهم بأكثر من الوصول إلى دور الأربعة في هذه البطولات الثلاث!!
وكذلك الحال بالنسبة للملك البارع بيليه ... فهو قد شارك لمرة واحدة في نسخة عام 1959 م أي بعد عام و احد من حصول البرازيل على كأس العالم بالسويد كأول كأس عالمية يشارك فيها من الثلاث المحتسبة له بسجله الشرفي , و أيضا نفس محصلة الأسطورة مارادونا , بمعنى ( لا شئ ) !!
نستخلص من كل هذا , أن المعجزة ليو ميسي يحمل فوق ما لا يطاق , و يطالب بما عجزت عنه كل أساطير الكرة اللاتينية على وزن هؤلاء العظماء , فأين المنطق و أين الموضوعية و المهنية ؟ و كيف تخفى كل هذه المعلومات الأساسية عن كل من شمر عن ساعديه هجوما و قدحا و تهميشا و كيلا للسباب و الشتائم بحق المعجزة الخالدة ؟!
إذن هذه الحملة النقدية غير الموضوعية و غير المبررة على الإطلاق التي يتعرض لها المعجزة الكروية ليونيل ميسي تؤكد أن أصحابها لا يحملون رؤية نقدية ولا تحليلية , و يجهلون معلومات حقيقية بل أساسية عن هذه البطولة و عن مسيرة أساطير الكرة العالمية , و لا تعدو هذه السهام الطائشة إلا أن يكون مبعثها ( حسدا و غيرة ) كونه قد استحوذ على كل أنظار عشاق كرة القدم في كافة أرجاء المعمورة , و كونه كذلك ( ركنا أساسيا ) في أعظم و أهم و أميز فريق عرفه التاريخ الإنساني في كل استقصاءات و استفتاءات و ترشيحات العالم و وسائل الإعلام العالمية و آخرها دراسة صدرت عن مجلة نيوزويك الأمريكية الرصينة , طبعا أقصد فريق برشلونة , أهناك غيره ؟ ... !
للعلم منقول من مقالة مكتوبة بقلم : سعد السبيعي