لماذا سورية ليست العراق وليست ليبيا
الثلاثاء، 27 تشرين الثاني، 2012
أوقات الشام
يتساءل كثيرون من المحللين والمتابعين والمهتمين عن سبب الدعم الروسي الذي لا يفتر لسورية, فهذه المرة الموضوع مختلف تماما, لن أقول أن الروس يدافعون عن الحق وعن سيادة الدول وسنحاول الابتعاد عن العواطف قدر الإمكان, حتى قضية المصالح فهي ليست بوجه واحد, ولها عدة وجهات نظر تختلف باختلاف الدول. بدأت مع بداية الأزمة السورية التوقعات والتحليلات حول الموقف الروسي من سورية وخصوصا بعد ما حصل في ليبيا من تدخل عسكري خارجي والتجاوزات الغربية في تطبيق القرار 1973 وارتكاب الكثير من الجرائم, هذا القرار الذي اتخذت فيه روسيا موقف الحياد, وبالطبع يبقى الموقف الصيني مشابها للموقف الروسي في كثير من الأحيان.واليوم يبقى الموقف الروسي مذهلا للجميع لدرجة أن البعض يقول عنه أنه لسان حال الموقف السوري الرسمي, ويتكلم الصحفيون أنهم بحاجة لعامل متخصص برصد التصريحات الروسية سواء على صعيد الرئيس ميدفيديف سابقا وبوتين لاحقا ووزير خارجيتها لافروف سابقا ولاحقا, هذا طبعا بالإضافة إلى كثير من القيادات العسكرية والسياسية والمحللين المختصين بعدد من المجالات, فلماذا يكون الموقف مختلفا هذه المرة؟ وبالأخص أن كثيرا من المتحللين _ولا يوجد خطأ إملائي في هذه الكلمة أي أننا لا نقصد المحللين_ لم يتركوا فرصة لبث الشك في قلوب السوريين, أن الروس سيستغنون عن سورية كما استغنوا عن العراق وليبيا "كما يقول المتحللين".وهنا نحن نسرد كثيرا من الحقائق التي تعطي الفرق بين سورية وغيرها, فبعض الأسباب جوهري وبعضها الآخر متعلق بالظروف, ومن أهمها أن روسيا تتعامل مع حلفائها كـ"حلفاء" بكل معنى الكلمة, لا "أتباع" كالطريقة الأمريكية في التعاطي مع الآخرين, روسيا لا تصنع الحلفاء ومن ثم تستعبدهم, بل إنها تنتظر من العالم كل من يدعم قضيتها في الوقوف بوجه التوسعات الغربية وتنتظر منهم قوة مناسبة لوصولهم لمرتبة "حلفاء روسية".فهي دولة غير مضطرة مثلا لتحمل جنون صدام حسين وحركاته العبثية _إن أحسنا الظن بها_ كاحتلال الكويت, الأمر الذي جلب الجيوش الغربية للمنطقة, وصواريخ سكود الإعلامية التي كان يطلقها نحو "إسرائيل" والتي كان الإسرائيليون أنفسهم يدرون بها من خلال الإعلام لا أكثر, وبعدها تأتي عشرات الأضعاف من المساعدات المادية والمعنوية لإسرائيل. روسيا أيضا لا تُشترى بالمال كما كان يفعل القذافي مع إيطاليا وبريطانيا وأمريكا وكثير من الدول الأخرى, وكان يفتخر بما يعمل لدرجة جنون العظمة مع أن هذه الأموال تستخرج من باطن الأرض وليس من العقول. لهذا السبب روسيا لا تتخلى عن حلفائها مثل الصين ,كوبا ,كوريا الشمالية ,إيران وسورية و..الخ, ما يميز هذه الدول أنها ترضي غرور روسيا المشروع في انتقاء الحلفاء, فعندما ترى أن دولة كسورية لم تكتف بالوقوف في وجه عشرات الدول التي تضخ ميزانيات على أرضها محاولة لإركاعها, بل وكانت سورية فخا للكثير منهم كشفا لمؤامراتهم وخططهم, وهي لن تتوانى في دعم جيش أذهل العالم في مواجهته لحرب العصابات بطريقة أخذت بعين الاعتبار حماية من يقومون بحماية المسلحين المتمردين. لذلك يبقى الجواب واضحا على سؤال,
لماذا سورية ليست العراق وليست ليبيا بالنسبة لروسيا؟
\\ ابو فاتح \\