أوباما يربح معركته الانتخابية " والأسد يربح حربه الكونية "
الأحد، 11 تشرين الثاني، 2012
أوقات الشام
بلال فوراني
كنت من المشدودين جداً كما الكثير مثلي إلى نتائج الانتخابات الامريكية , رغم تحفظي عن الاستخفاف بالاسم القادم كي يعتلي عرش دولة الحرية والديمقراطية المزعومة . ولكن كنت أراقب عن بعد حجم الهزيمة التي ستعترف بها أمريكا باختيارها أحد المرشحين , فإما هزيمة من العيار الثقيل ولكن مع قليل من ماء الوجه في حال فوز أوباما أو هزيمة سيرميها خارج التاريخ لو فاز رومني وبدأ بتحقيق أفكاره الرعناء في مسألة إيران وأمن اسرائيل المسكينة. من يريد أن يقرأ المشهد السياسي أيها السادة يستطيع أن يلتهم تحليلات من شاء من إعلاميين وصحافيين إن كانوا مأجورين أو حتى وطنيين على إعتبار أن الوطني صار ” شبيح ” وكل من يخاف على بلده صار أذعرّ يستحق التأديب من العصابات الارهابية مدفوعة الأجر وألوية أحفاد الصحابة المساكين وجبهات المسخرة وكتائب السنافر . المشهد السياسي يا سادة لا يعنيني ولا يهمني لا من قريب ولا من بعيد ولكن يهمني جداً أن أرصّد الحالة النفسية التي تخيمّ على هذا المشهدّ وأستقطبّ حجم النصر وحجم الخسارة في تحليلات بعض المراقبين وتعليقات ومقالات بعض الجهابذة عليه, وهو الأمر الذي صار جلياً لكل أعمى أننا نعيش مرحلة أقل ما يُقال عنها سقوط إسقاط النظام .والذي حدث تماماً هو إعادة انتاج الصراع السياسي ولكن بطريقة فكاهية وبحلّة جديدة , فلم تعد أمريكا قادرة على تحملّ اجترار ما كانت تهذي بها جهاراً ونهاراً عن حرية الشعب السوري وأصبح الرأي العام منفتحاً أكثر على تقبلّ فكرة وجود عصابات إرهابية في سورية تركب موجة ما يدعى الاصلاح والتغيير , والأجواء العامة السياسية العربية تنبأ بوجود كثافة في الامتعاض والانهزام لدى كل الأطراف التي اخترعت ما يسمى الثورة السورية , ومستويات أمواج البحر القادم من تركيا لم يرتفع أعلى من ” صباط “الجندي السوري , وسقوط الأسماء الرنانة التي طبلت وزمرت على مدى سنة ونصف على قنوات كانت تهطل علينا بالثلج الاعلامي والتحريضي الأبيض والمسالم في الوقت الذي تلونت شوارع سوريا بالدم الأحمر , ويتوقع اتخفاض نسبة الأمل في كل الأغبياء والخونة الذي ظنوا أنفسهم أبطال دوكنيشوتية بعد صمود الطواحين السورية , وهناك تلميح خطير من بعض الدول بأن المعارضة المصنّعة مسبقاً في مطابخ قطر والسعودية بدأت تفوح رائحتها النتنّة وطعمها صار مقرفاً ولم يعد وجودها مرحباً به .
أيها السادة أريد لفت انتباهكم بالحسنى الى المشهد الجديد الذي نعايشه حالياَ , كي لا تختلط عليكم الأمور ويضيع كل إيمانكم بين حابل ونابل , وتسقط عزيمتكم التي هزتّ دول عظمى وأقلقت منامها وهمشتّ أحلامها . هذا المشهد الذي نعيشه اليوم هو تسونامي التفجيرات التي تحدث في سوريا بطريقة هستيرية والتي لا تدل إلا على فقدان الطرف الآخر لمقود القيادة ولم تعد دعسة البنزين تتجاوب معه بعد أن قرر مسبقاً أن يكسر دعسة الفرامل التي استغنى عنها بعد وعود كبيرة بأنه إذا دخل بقدمه اليمين فسوف يكون من الآمنين أو عند الله ذي العرش المكين .وما يحدث الآن تماماً هو بالظبط ما يحدث للدجاجة حين تذبحها ,فتبدأ بالرقص من الوجع وتلتوي يمنة وشمالاً وتتخبط ّبالأرض وتضرب بأجنحتها كل شيء يصادفها , وهذا ينطبق تماماً على حالة الهذيان التي تعيشه ما يسمى بحلفاء وأصدقاء الشعب السوري والمجلس الطنبوري وجيوش الردّة . وهو الأمر الذي يستدعي منكم الحذر الشديد لأن احتمالات الاصابة بطرطشة الدم منهم واردة جداً وعلى كل من يلبس ثوباً أبيضاً أن يخلعه حالياً وكل من لا تواتيه القدرة على احتمال مشهد إنهيار الهرم الخائن في سوريا أن يواري عيناه وينصبهما أمام قناة الجزيرة أو العربية . وعلى كل من لا يتعدى عمره سنة ونصف من الاغتيال السياسي والفكري والتاريخي لبلد سوريا أن يعيد تسجيل نفسه في الصفوف الابتدائية ومراجعة أول دروس عن الوطن والوطنية . وكل من يعاني من ضغط الدمّ أو مشاكل في القلب أن يأخذ حبوبه الآن لأن الهبوط الحاد والقادم في مصرع هذه المؤامرة لن يترك حتى شاهد عيان بعيداً عن سقوطه بالذبحة الصوتية والبكائية على أطلال ما يسمى الثورة السورية. لقد بدأت حرب الاستنزاف أو حرب شلّ الأعصاب أو حرب آخر دقيقة قبل الهزيمة , لقد فشلوا بشهادة تقدير وحسن سير وسلوك من مدرستهم الراعية لاجرامهم , وصاروا مفضوحين لدرجة أنهم لم يعودوا يتنكروا بثوب الملائكة وسقطت أقنعتهم وتبينت أنيابهم التي طالما تكلمنا عنها ولم يصدقنا أحد , ولم يعد أمامهم ولا خلفهم شيء , فلا بحر تركيا سيأويهم بعد اليوم ولا عدو الناتو سيحميهم , وسفنهم التي رفعوا عليها شعارات الحرية والسلمية أحرقوها فصارت رماداً من الماضي , وبدأت عملية المساومات وشراء التعهدات من الدول التي احتضنت هذه المؤامرة سلفاً للابقاء على وجودهم ولو من باب حفظ ماء الوجه , أو من باب ” عليّ وعلى أعدائي ” .لقد انتصر الشعب السوري رغماً عن كل شيء , رغماً عن الخيانات والمؤامرات والقذارات ورغماً عن الاموال التي دفعت بالمليارات , رغماً عن الأحلام التي صارت لأصحابها كوابيس يومية , رغماً عن الطعنّ الذي مارسه كل من أكلنا معه يوماً في صحن واحد , رغماً عن الدم الذي سفكّوه بكل حقارة في شوراع سوريا ,رغماً عن كل محاولاتهم تدميرالبنية التحتية للبلد وزجه في غرفة الانعاش الاقتصادية , رغماً عن خطاباتهم المزيفة وكلماتهم المبتذلة وأفكارهم المريضة ,رغما عن تجييش آلاف الشباب المغسولة عقولهم , رغماً عن كل محاولاتهم الدنيئة في تشويه سمعة جيشنا العربي السوري العظيم , رغماً عن أكبر شنبّ اهتزّ يوماً على هذه المعمورة , لقد انتصر الشعب السوري وربح الأسد حربه الكونية في الوقت الذي ربح أوباما معركته الانتخابية ؟.أيها السادة التقطوا أنفاسكم جيداً في هذه المرحلة الأخيرة , وحاذروا أن تفقدوا ايمانكم أو صبركم أو عزيمتكم , أعلم تماما أننا تعبنا وصرنا منهكين جداً وأنكم ما عدتم تحتملون أكثر من هذا , وأنهم استشرسّوا علينا كثيراً وأوجعونا عضاً ونهشاً , وأنهم شربوا من دمائنا حتى فاضت حلوقهم واختنقوا فيها , وأنهم نهبوا وسرقوا الضحكة الشامية وكسروا الياسمينة الدمشقية وانتهكوا حرمة حلبّ وشوهوا خالد ابن الوليد وداسوا على اللون الأخضر في إدلب وطمسوا الجمال في دير الزور ومارسوا الرذيلة على مقدساتنا بكل بقاع أرضنا .
ولكنّ أرجوكم
تذكروا كي لا تنسوا … تلك الأسماء التي خانت أرضنا وعرضنا
تذكروا كي لا تنسوا … من هتكّ أمنّنا وباعها في سوق الحرية
تذكروا كي لا تنسوا … من تاجر بدمائنا باسم الديمقراطية
تذكروا كي لا تنسوا … كل الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم لأجل تراب الوطن
تذكروا كي لا تنسوا … الثمن الذي دفعناه لأجل من اشتراها بكلمة الله أكبر
تذكروا كي لا تنسوا … أنكم الشعب الذي أبهرّ العالم بإرادته وصلابته وعزيمته
تذكروا كي لا تنسوا … أنكم الشعب الوحيد الذي قامت لأجله حرب عالمية ثالثة ..؟؟
على حافة الوطن
إذا الشعب يوماً أراد الحياة
فلا بد أنه الشعب السوري العظيم ..؟؟
\\ ابوفاتح \\